قصص
حقيقية ومسجلة
سأروي
لكم قصصاً حقيقية ومسجلة عن بعض هذه العلاجات التي
أودت بحياة كثير من المرضى وكانت السبب المباشر لموتهم.
القصة الأولى:
هذه القصة تتعلق بمعالج شعبي في شمال المملكة أمي لا يقرأ ولا يكتب ويزاول مهنة
العلاج بالأعشاب، ويتركز علاجه على حالات العقم وكان يقوم بخلط بعض أجزاء الأعشاب
مع حشرة تعرف باسم "الزرنوخ" وهي حشرة مشهورة عالمياً حيث تربى هذه الحشرة والتي
تشبه في شكلها الذباب وكانت اسبانيا هي الدولة التي تعنى بتربية هذه الحشرة حتى
أنها سميت باسمها "الذبابة الاسبانية" هذه الحشرة تحتوي على مادة اسمها الكانثريدين
(Cantheridin)
هذه المادة الكيميائية تستخدم في علاج بعض الأمراض الجلدية وتدخل في بعض المراهم
وبعض اللصاقات ولكنها لا تستخدم داخلياً على الإطلاق نظراً لسميتها على الجهاز
البولي ومشهور هذا المركب بسميته ومشهورة أيضاً هذه الحشرة بسميتها. كان هذا
المعالج يجمع هذه الحشرات التي تكثر في وقت الربيع ثم يجففها ويخلطها بعد سحقها مع
بعض الأعشاب ويقوم بعمل جرعات كل جرعة عبارة عن برشامة بمئتي ريال ويعالج بها على
حسب متعاطيها لعلاج العقم. وكان المرضى بالعقم يذهبون إلى هذا المعالج ويصرف لهم
برشامة واحدة، على أن تستعمل داخلياً عن طريق الفم.
تقوم هذه البرشامة بكشط المجاري البولية وتسبب مشكلة في الكلى مما نتج عنها نزف
وخروج البول ملوثاً بالدم ويصحب ذلك قطع لحمية صغيرة ناتجة عن كشط المجاري،
والأشخاص الذين يتحملون هذه الجرعة يشفون بعد مدة من هذا التأثير والعقم يظل كما
هو.
وقد حدث ان توفي أحد متعاطي هذه البرشامات وشكلت لجنة من وزارة الصحة ومن وزارة
الداخلية وإمارة منطقة الرياض وكنت أحد الأعضاء الذين طلب منهم تحليل هذه البرشامة
التي كانت تحوي أجزاء من حشرة الذرنوح والمادة الكيميائية السامة المعروفة
بالكانثردين ورفعت اللجنة تقريرها بإدانة هذا المعالج وهذه الحالة موثقة واتخذ
القرار الشرعي الصائب بشأن هذه القضية.
القصة الثانية:
هي ورود معاملة من إمارة منطقة الرياض عن طبيب شعبي في حي من أحياء الرياض وكان
مفاد هذه المعاملة أن هناك طبيباً شعبياً يزدحم عليه بالسيارات الخاصة بالمراجعين
وان الشوارع المجاورة تقفل من كثرة السيارات. وطلب مني مقابلة هذا الطبيب من أجل
معرفة مدى علاقته بالتطبيب وهل يمكن أن يعطي تصريحاً بمزاولة هذه المهنة من عدمه.
واستدعيت هذا المعالج وعندما دخل علي في مكتبي ظننت أنه أحد الطلاب لأن عمره لم
يتجاوز السابعة عشرة، فسألته عما يريد: فقال: أنا الطبيب الشعبي الذي استدعيتني
لمقابلتك، فذهلت لما رأيت لأنه صغير لم يلحق ان يلم ولو بجزء من علاج حتى يعالج
الناس. طلبت منه الجلوس وطلبت منه في هدوء ان يحكي قصته مع المعالجة. فقال: "خرجت
أنا وعائلتي للتنزه في أحد الأيام إلى الثمامة وكنت في بعض الأحيان أعاني من الأرق،
وعندما كنت مضطجعاً على جبيني الأيمن في الثمامة وكان بجانبي نبات فأخذت أتذوقه
ومضغت منه بضع وريقات فشعرت بالنعاس ونمت، وعندما استيقظت فكرت في أن أقوم بعلاج
الناس وبدأت أجمع من هذا النبات كميات وأسحقه وبدأت أعالج بعض الأقارب وبدأت سمعتي
تنتشر كمعالج ممتاز وبدأ الناس يتوافدون إلى منزل أبي الذي خصصه للعيادة وبدأت
الأعداد تزداد لدرجة أن الشوارع المجاورة للموقع لم تعد تتسع لسيارات المرضى هكذا
كانت بدايتي.
وعندما سألته هل أنت مقتنع بما تقوم به، فقال لقد سمعت ان هناك معالجين في الحي
نفسه وكانوا يحصلون على أموال كبيرة من جراء هذه المهنة وأنا في الحقيقة أفهم أنهم
غير قادرين حتى على القراءة والكتابة وأنا على الأقل طالب في سنة ثانية ثانوية
وأستطيع التفاهم مع المرضى.
لقد
كان اعتقاد جميع مراجعي عيادة هذا الطفل ان لديه الهام من الله عز وجل ويفهمون
تماماً ان أي شخص في عمره لا يستطيع ان يعالج لأنه لا يزال طفلاً ولم يكن لديه عمر
من أجل ان يتعلم ولكن كما ذكرت كان اعتقادهم أنه ملهم، وكانوا يذهبون إليه ويشرحون
له أمراضهم وهو أساساً لا يعي ولا يفهم ما يقولون وفي الأخير يكتب أو يعطيهم العشبة
المتوافرة ولكل الأمراض. والسؤال هل نقول ان هذا معالج.. وهل يمكن لأي كاتب ان يكتب
عنه ويقول إنه عالج أناساً وشفوا من أمراضهم بعدما عرفنا قصته برمتها.
لقد حاولت توجيهه الوجهة الصحيحة وطلبت ان يكف عن هذا العمل وان يكمل دراسته ويدخل
كلية الطب ويتخرج طبيباً ويعالج الناس وهو على دراية بما يفعل. وقد اقتنع اقتناعاً
تاماً وأخذت عليه امارة منطقة الرياض تعهداً بعدم العودة إلى هذا العمل وذلك بناء
على التقرير المعد من قبلنا كجهة علمية.
جريدة الرياض
: الاثنين 12 ربيع الثاني 1425 هـ ، 31 مايو 2004 م ، العدد 13128 السنة 40
&
يعالج المس
القصة الثالثة:
طبيب
شعبي في المدينة المنورة كان يعالج من المس وكان يؤم مقر عيادته أعداد لا تحصى وقد
كتب على عيادته الدكتور (....) وذهبت بصحبة اثنين من أعضاء هيئة التدريس بكلية
الصيدلة عندما كنا نقوم بتنفيذ مشروع وطني مدعم من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم
والتقنية بعنوان "مساوئ الطب الشعبي السعودي ومحاسنه" حيث قمنا بزيارة كل الأطباء
الشعبيين والعطارين في المدينة المنورة.
وعندما ذهبنا لزيارته كان يوجد أمام منزله (مقر العيادة) مساحة كبيرة وجدنا فيها
عدداً من الخيام منصوبة هناك وحركة الناس أمام العيادة كانت شديدة فسألنا ما قصة
هذه الخيام فقالوا ان الناس الذين يأتون من مسافات بعيدة من خارج المدينة ينصبون
خيامهم ليسكنوا فيها ريثما يأتي دورهم نظراً لكثرة المراجعين. وقد كانت طريقته في
العلاج الضرب والخنق وجمع أكبر قدر من المال وكان بجانب عيادته بقالة مخصصة لبيع
الماء المقروء والمتفول عليه وكذلك زيت زيتون مقروء عليه للدهان. طبعاً كان كما
سمعتم عن قصته من الدجالين وعندما أصيب بالتخمة من كثرة الأموال التي جمعها اعتزل
العلاج واعترف في أحد القنوات التلفزيونية أنه كان مخطئاً في طريقة علاجه وأنه تاب
إلى الله. إذاً من يضمن ألا يكون بقية المعالجين الشعبيين في المملكة مثل هذا
المعالج.