الدعاء
( 1 ) الامر به : أمر الله الناس أن يدعوه
ويضرعوا إليه ، ووعدهم أن يستجيب لهم ويحقق لهم سؤلهم .
1 - فقد روى أحمد وأصحاب السنن
عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الدعاء هو العبادة
، ثم قرأ : ( ادعوني أستجب لكم ، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين
) .
2 - وروى عبد الرازق عن الحسن :
أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه : أين ربنا ؟ فأنزل الله : " وإذا
سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " .
3 - وروى الترمذي وابن ماجه عن
أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس شئ أكرم على الله من الدعاء "
.
4 - وروى الترمذي عنه : أنه
صلوات الله عليه وسلامه قال : " من سره أن يستجيب الله تعالى له عند الشدائد والكرب
فليكثر الدعاء في الرخاء " .
5 - وروى أبو يعلى عن أنس بن
النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه
( 1 ) كفر : أي ستر .
عن
ربه عزوجل ، قال : " أربع خصال : واحدة منهن لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني
وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين عبادي . فأما التي لي ، لا تشرك بي شيئا ، وأما التي
لك ، فما عملت من خير جزيتك عليه ، وأما التي بيني وبينك ، فمنك الدعاء وعلي
الاجابة . وأما التي بينك وبين عبادي ، فارض لهم ما ترضى لنفسك "
.
6 - وثبت عنه صلى الله عليه
وسلم قوله : " من لم يسأل الله يغضب عليه " .
7 - عن عائشة رضي الله عنها قالت
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل
ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان ( 1 ) إلى يوم القيامة " .
رواه البزار والطبراني والحاكم وقال : صحيح الاسناد .
8 - وعن سلمان الفارسي رضي الله
عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لايرد القضاء إلا الدعاء . ولا يزيد
في العمر إلا البر " . رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب .
9 - وروى أبو عوانة وابن حبان :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة ، فإنه لا
يتعاظم عن الله شئ " .
( 3 )
آدابه
للدعاء آداب
ينبغي مراعاتها ، نذكرها فيما يلي :
1 - تحري الحلال : أخرج الحافظ
بن مردويه عن ابن عباس ، وقال : تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم : (
يا أيها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ) ، فقام سعد بن أبي وقاص فقال :
يارسول الله : ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال : " يا سعد ، أطب مطعمك تكن
مستجاب الدعوة ، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما
يتقبل منه أربعين يوما ، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به "
.
( 1 ) يعتلجان : يتصارعان ويتدافعان
وفي مسند الامام أحمدو صحيح مسلم عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس ، إن الله طيب لا يقبل
إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين . فقال : ( يا أيها الرسل
كلوا من الطيبات واعملوا صالحا . إني بما تعملون عليم ) . وقال : ( يا أيها الذين
آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، ومطعمه
حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، يمد يديه إلى السماء : يا رب ، يا رب ، فأنى
يستجاب لذلك . "
2 - استقبال القبلة إن أمكن :
فقد خرج النبي يستسقي ، فدا واستسقى واستقبل القبلة .
3 - ملاحظة الاوقات الفاضلة
والحالات الشريفة : كيوم عرفة ، وشهر رمضان ، ويوم الجمعة ، والثلث الاخير من الليل
، ووقت السحر ، وأثناء السجود ، ونزول الغيث ، وبين الاذان والاقامة ، والتقاء
الجيوش ، وعند الوجل ، ورقة القلب . ( ا ) فعن أبي أمامة قال : قيل : يارسول ، أي
الدعاء أسمع ؟ قال " جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات " . رواه الترمذي
بسند صحيح . ( ب ) وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أقرب
ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء فقمن أن يستجاب لكم " . رواه مسلم
. وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة منثورة في ثنايا الكتب .
4 - رفع اليدين حذو المنكبين :
لما رواه أبو داود عن ابن عباس قال : المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك ، أو نحوهما
، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة ، والابتهال أن تمد يديك جميعا . وروي عن مالك بن
يسار أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ، ولا
تسألوه بظهورها " . وروي عن سلمان ، أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربكم تبارك
وتعالى حيي كريم ، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا "
.
5 - أن يبدأ بحمد الله تعالى
وتمجيده والثناء عليه ، ويصلي على النبي ، لما رواه أبو داودو النسائي والترمذي
وصححه عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم
يمجد الله تعالى ، ولم يصل على النبي ، فقال : " عجل هذا " ثم دعاه ، فقال له - أو
لغيره - " إذا صلى ( 1 ) أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز ، والثناء عليه ، ثم يصلي
على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بعد بما يشاء " 6 - حضور
القلب وإظهار الفاقة والضراعة إلى الله جل شأنه وخفض الصوت بين المخافته والجهر :
قال الله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ( 2 ) ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
وقال : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) . قال ابن جرير : تضرعا :
تذللا واستكانة لطاعته ، وخفية : أي بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته
فيما بينكم وبينه ، لا جهار مراءاة . وفي الصحيحين عن أبي موسى الاشعري ، قال : رفع
الناس أصواتهم بالدعاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس اربعوا
على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا بصيرا ، إن الذي تدعون
أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ، يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة ؟
لاحول ولاقوة إلا بالله " . وروى أحمد عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال " القلوب أوعية ، وبعضها أوعى من بعض ، فإذا سألتم الله - أيها الناس
- فاسألوه وأنتم موقنون بالاجابة ، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل "
.
7 - الدعاء بغير إثم أو قطيعة
رحم : لما رواه أحمد عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم
يدعو الله عزوجل بدعوة ليس
( 1 ) صلى : أي دعا . ( 2 ) صلاتك : أي بدعائك .
فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى
ثلاث خصال : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف
عنه من السوء مثلها . " قالوا : إذا نكثر ؟ قال : " الله اكبر "
.
8 - عدم استبطاء الاجابة : لما
رواه مالك عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يستجاب لاحدكم ما لم
يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لي " .
9 - الدعاء مع الجزم بالاجابة :
لما رواه أبو داود عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا
يقولن أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا
مكره له " .
10 - اختيار جوامع الكلم : مثل :
( ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار " ، فقد كان النبي
صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك . وفي سنن ابن ماجة :
أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أي الدعاء أفضل ؟ قال :
" سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة " ثم أتاه في اليوم الثاني ، والثالث ،
فسأله هذا السؤال ، وأجيب بذلك الجواب . ثم قال صلى الله عليه وسلم : " فإذا أعطيت
العفو والعافية في الدنيا والآخرة فقد أفلحت " . وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : " ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من : " اللهم إني أسألك المعافاة في
الدنيا الآخرة " .
11 - تجنب الدعاء على نفسه وأهله
وماله : فعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدعو ا على أنفسكم ،
ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على خدمكم ، ولا تدعوا على أموالكم . لا توافقوا
من الله تبارك وتعالى ساعة نيل عطاء فيستجاب لكم " .
12 - تكرار الدعاء ثلاثا : فعن
عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا
ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود .
13 - إذا دعا لغيره أن يبدأ
بنفسه : قال الله تعالى : ( ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ) . وعن
أبي بن كعب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه
. رواه الترمذي بإسناد صحيح .
14 - مسح الوجه باليدين عقب
الدعاء وحمد الله وتمجيده والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم . وقد روي
مسح الوجه باليدين من عدة طرق كلها ضعيفة ، وأشار الحافظ إلى أن مجموعها تبلغ به
درجة الحسن . دعاء الوالد والصائم والمسافر والمظلوم روى أحمد وأبو داود والترمذي
بسند حسن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن :
دعوة الوالد ، ودعوة المسافر ، ودعوة المظلوم " . وروى الترمذي بسند حسن ، أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حين يفطر ، والامام
العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ، ويقول
الرب : وعزتي لانصرنك ولو بعد حين " . دعاء الاخ لاخيه
بظهر الغيب
1 - روى مسلم وأبو داود عن
صفوان بن عبد الله رضي الله عنه قال : قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم
أجده ، ووجدت أم الدرداء ، فقالت : أتريد الحج العام ؟ قلت : نعم . قالت : فادع
الله لنا بخير ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " دعوة المسلم لاخيه بظهر
الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك موكل ، كلما دعا لاخيه بخير ، قال الملك الموكل به :
آمين ولك بمثل ( 1 ) " . قال فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء ، فقال لي مثل
ذلك
( 1 ) بمثل : أي أدعو لك بمثل ذلك .
عن
النبي صلى الله عليه وسلم .
2 - ولابي داود والترمذي : أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب .
"
3 - ورويا عن عمر قال : استأذنت
النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي ، وقال : " لا تنسنا يا أخي من دعائك .
" فقال عمر : كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا . بعض ما
ورد فيما ينبغي أن يستفتح به الدعاء رجاء أن يقبل
1 - عن بريدة ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لاإله
إلا أنت الاحد الصمد ( 1 ) الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا ( 2 ) أحد ، فقال
: " لقد سألت الله بالاسم الاعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب " . رواه
أبو داود والترمذي وحسنه . قال المنذري : قال شيخنا أبو الحسن المقدسي : إسناده لا
مطعن فيه ، ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه . 2 - وعن معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه وسلم
سمع رجلا ، وهو يقول : يا ذا الجلال ( 3 ) والاكرام ، فقال : " قد استجيب لك فسل "
. رواه الترمذي وقال : حسن .
3 - وعن أنس قال : مر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي ، وهو يصلي ويقول : " اللهم إني
أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت ، يا حنان يا منان ، يا بديع السموات والارض ،
يا ذا الجلال والاكرام ، يا حي يا قيوم ، فقال رسوال الله صلى الله عليه وسلم : "
لقد سألت الله باسمه الاعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى " . رواه أحمد
وغيره ، وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم .
4 - وعن معاوية قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( 1 ) الصمد : الذي يقصد في الحوائج . ( 2 ) كفوا
: شبيها . ( 3 ) الجامع لصفات العظمة .
" من
دعا بهؤلاء الكلمات الخمس ، لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه : لا إله الا الله والله
أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ،
لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله " . رواه الطبراني بإسناد حسن
.