الصلاة والسلام على رسول الله قال الله تعالى :
" إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
" . معنى الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البخاري : قال أبو العالية :
" صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء " . وقال أبو
عيسى الترمذي ، وروى عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا : " صلاة الرب
الرحمة ، وصلاة الملائكة الاستغفار " . قال ابن كثير : والمقصود من هذه الاية ، أن
الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملا الاعلى ، بأنه يثني
عليه عند الملائكة المقربين ، وان الملائكة تصلي عليه ، ثم أمر تعالى أهل العالم
السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين ، العلوي والسفلي
جميعا . وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة ، ونذكر بعضها فيما يلى .
1 - روى مسلم عن عبد الله بن
عمرو بن العاص رضى الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من
صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا " .
2 - وروى الترمذي عن ابن مسعود
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أولى الناس بي يوم القيامة
أكثرهم علي صلاة " قال الترمذي : " حديث حسن " اي أحقهم بشفاعته واقربهم مجلسا منه
.
3 - وروى أبو داود باسناد صحيح عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : " لا تجعلوا قبري عيدا ، وصلوا علي فان صلاتكم
تبلغني حيث كنتم " .
4 - وروى أبو داود والنسائي عن
أوس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أفضل أيامكم يوم
الجمعة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فان صلاتكم معروضة علي " . فقالوا يارسول
الله وكيف تعرض صلاتنا عليك ، وقد أرمت : أي : بليت ؟ . قال : " إن الله حرم على
الارض أن تأكل أجساد الانبياء " .
5 - وفي سنن أبي داود عن أبي
هريرة رضي الله عنه باسناد صحيح : - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مامن
أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " .
6 - روى الامام أحمد عن أبي
طلحة الانصاري قال : " أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يرى في
وجهه البشر " قالوا : يا رسول الله أصبحت اليوم طيب النفس يرى في وجهك البشر . قال
: " أجل : أتاني آت من ربي عزوجل فقال : من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها
عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، ورد عليه مثلها " قال ابن
كثير : وهذا إسناد جيد .
7 - عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من سره أن يكال له بالمكيال الاوفى - إذا صلى
علينا أهل البيت - فليقل : اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته
وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " . رواه أبو داود والنسائي
.
8 - عن أبي بن كعب رضي الله عنه
قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال : " يا ايها
الناس اذكروا الله . اذكروا الله . جاءت الراجفة ( 1 ) تتبعها الرادفة ( 2 ) جاء
الموت بما فيه ، جاء الموت بما فيه " قلت : يارسول الله إني أكثر الصلاة عليك ، فكم
أجعل لك من صلاتي ؟ قال : " ما شئت " . قلت : الربع ؟ قال : " ما شئت ، فان زدت فهو
خير لك " قلت : النصف ؟ قال : " ما شئت ، فان زدت فهو خير لك " . قلت : فالثلثين ؟
قال : " ما شئت ، فان زدت فهو خير لك " . قلت : أجعل لك صلاتي كلها ( 3 ) قال : "
إذن تكفي همك ويغفر لك ذنبك " رواه الترمذي .
( 1 ) الراجفة : النفخة الاولى . ( 2 ) الرادفة :
النفخة الثانية . ( 3 ) أي : أجعل مجالسي كلها في الصلاة والسلام عليك .
هل تجب الصلاة والسلام عليه كلما ذكر اسمه ذهب
إلى وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر طائفة من العلماء ، منهم
الطحاوي والحليمي واستدلوا على ذلك بما رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة ، أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ، ورغم أنف رجل
دخل عليه شهر رمضان ثم انسلخ قبل ان يغفر له ، ورغم أنف رجل ادرك عنده أبواه الكبر
فلم يدخلاه الجنة " . ولحديث أبي ذر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن
أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي " . وذهب آخرون إلى وجوب الصلاة عليه في
المجلس مرة واحدة ، ثم لا تجب في بقية ذلك المجلس ، بل تستحب . لحديث أبي هريرة ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم
يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة ( 1 ) يوم القيامة ، فان شاء عذبهم ، وان شاء
غفر لهم " رواه الترمذي وقال : حسن .
استحباب كتابة الصلاة
والسلام عليه كلما ذكر اسمه استحب العلماء الصلاة
والسلام عليه - صلوات الله وسلامه عليه - كلما كتب اسمه ، إلا أنه لم يرد في ذلك
حديث يصح الاحتجاج به . وذكر الخطيب البغدادي قال : رأيت بخط الامام أحمد بن حنبل
رحمه الله كثيرا ما يكتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر الصلاة عليه
كتابة . قال : وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظا .
الجمع بين
الصلاة والتسليم قال النووي : إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فليجمع بين الصلاة
والتسليم ، ولا يقتصر على احدهما فلا يقل : صلى الله عليه فقط ، ولا عليه السلام
فقط .
( 1 ) الترة : النقص .
الصلاة على الانبياء تستحب الصلاة على الانبياء
والملائكة استقلالا . واما غير الانبياء فانه يجوز الصلاة عليهم تبعا باتفاق
العلماء وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم صل على محمد النبي وازواجه
أمهات المؤمنين إلخ " . وتكره الصلاة عليهم استقلالا ، فلا يقال : عمر صلى عليه
وسلم . صيغة الصلاة والسلام عليه ( 1 ) وروى مسلم عن أبي مسعود الانصاري أن بشير بن
سعد قال : أمرنا الله أن نصلي عليك يارسول الله . كيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك
على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد .
والسلام كما قد علمتم . " وروى ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة فانكم لا تدرون لعل ذلك
يعرض عليه . قالوا له فعلمنا قال : قولوا ، اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على
سيد المرسلين ، وإمام المتقدمين ، وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير ،
وقائد الخير ، ورسول الرحمة . اللهم ابعثه مقاما يغبطه به الاولون . اللهم صل على
محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك
على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد . ما جاء
في السفر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سافروا
تصحوا ، واغزوا تستغنوا " رواه أحمد ، وصححه المناوي .
الخروج لما
يحبه الله : عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من خارج يخرج من
بيته إلا ببابه رايتان : راية بيد ملك ، وراية بيد شيطان ، فإن خرج لما يحب الله
عزوجل اتبعه الملك برايته ، فلم يزل تحت راية الملك ، حتى يرجع إلى بيته ، وإن خرج
لما يسخط الله ، اتبعه الشيطان برايته ، فلم يزل تحت راية الشيطان ، حتى يرجع إلى
بيته " رواه أحمد والطبراني ، وسنده جيد .
الاستشارة والاستخارة قبل
الخروج : ينبغي للمسافر أن يستشير أهل الخير والصلاح في سفره قبل خروجه . لقوله
تعالى " وشاورهم في الامر " . وقوله تعالى في وصف المؤمنين : " وأمرهم شورى بينهم "
. قال قتادة : ما شاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم . وأن يستخير
الله تعالى : فعند أحمد ، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : " من سعادة ابن آدم استخارة الله ، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى
الله ، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله ، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله "
. قال ابن تيمية : " ما ندم من استخار الخلق وشاور المخلوقين "
.
وصفة الاستخارة
: أن
يصلي ركعتين من غير الفريضة ، ولو كانتا من السنن الراتبة ، أو تحية المسجد ، في أي
وقت من الليل أو النهار ، يقرأ فيهما بما شاء بعد الفاتحة ، ثم يحمد الله ويصلي على
نبيه صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بالدعاء الذي رواه البخاري ، من حديث جابر رضي
الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الامور
كلها ( 1 ) كما
( 1 ) قال الشوكاني : هذا دليل على العموم ، وأن
المرء لا يحتقر أمرا لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه ، فرب أمر يستخف
بأمره فيكون في الاقدام عليه أو في تركه ضرر عظيم ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه
وسلم . " ليسأل أحدكم ربه ، حتى شسع نعله "
يعلمنا السورة من القرآن يقول : " إذا هم أحدكم
بالامر ، فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني استخيرك ( 1 ) بعلمك ،
وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ،
وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الامر ( 2 ) خير لي في ديني ومعاشي
وعاقبة أمري ، أو قال : عاجل أمري وآجله ، ( 3 ) فاقدره لي ، ويسره لي ، ثم بارك لي
فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي ، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، أو قال -
عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به
" قال : ويسمي حاجته - أي يسمى حاجته عند قوله : " أللهم ان كان هذا الامر " . ولم
يصح في القراءة فيها شئ مخصوص ، كما لم يصح شئ في استحباب تكرارها . قال النووي :
ينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له ، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان فيه
هوى قبل الاستخارة ، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا ، وإلا فلا يكون مستخيرا
لله ، بل يكون غير صادق في طلب الخيرة ، وفي التبري من العلم والقدرة ، وإثباتهما
لله تعالى ، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ، ومن اختياره لنفسه "
.
استحباب السفر يوم الخميس
: روى
البخاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما كان يخرج ، إذا أراد سفرا ، إلا
يوم الخميس . استحباب الصلاة قبل الخروج : عن المطعم بن المقدام رضي الله عنه ، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما
عندهم حين يريد سفرا " رواه الطبراني وابن عساكر وسنده معضل ، أو مرسل
.
( 1 ) أستخيرك : أي أطلب منك الخيرة أو الخير . (
2 ) يسمى حاجته هنا . ( 3 ) يجمع بينهما .