احباب الله

احباب الله منتديات المتحابين في الله الطامحين للفردوس منتدى اسلامي تربوي شامل جامع للعلوم والحكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

احباب الله

احباب الله منتديات المتحابين في الله الطامحين للفردوس منتدى اسلامي تربوي شامل جامع للعلوم والحكم

احباب الله

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احباب الله منتديات المتحابين في الله الطامحين للفردوس منتدى اسلامي تربوي شامل جامع للعلوم والحكم


    الخطأ مردود على صاحبه كائناً من كان موضوع رائع

    عبد الرحيم
    عبد الرحيم
    عضو متميز
    عضو متميز


    ذكر
    عدد المساهمات : 282
    تاريخ التسجيل : 13/05/2011

    3adi الخطأ مردود على صاحبه كائناً من كان موضوع رائع

    مُساهمة من طرف عبد الرحيم الثلاثاء يونيو 14, 2011 11:58 am

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . و بعد ،،،
    " ثمَّ بعثَ عبدَ الله بن جَحْشٍ الأسَدِىَّ إلى نَخْلَةَ فى رجب، على
    رأْسِ سبعةَ عشرَ شهراً مِن الهِجْرة، فى اثنى عشر رجلاً مِن المهاجرين،
    كُلُّ اثنين يعتقبان علَى بعير، فوصلُوا إلى بطن نخلة يرصُدُون عِيراً
    لقريش، وفى هذِهِ السَّرِيَّة سمَّى عبدَ الله بن جحش أميرَ المؤمنين، وكان
    رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كتب له كِتاباً، وأمره أن لا ينظُرَ فيه
    حتى يسيرَ يومين، ثم ينظُرَ فيه، ولما فَتحَ الكِتاب، وجد فيه: ((إذَا
    نَظَرْتَ فى كِتَابى هذا، فَامْضِ حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةَ بَيْنَ
    مَكَّةَ والطَّائِفِ، فَتَرْصُدَ بِهَا قُرَيْشَاً، وتَعْلَمَ لنا مِنْ
    أَخْبَارِهم
    )) فقال: سمعاً وطاعةً، وأخبر أصحابَه بذلكَ، وبأنه لا
    يستكرِهُهم، فمن أحبَّ الشهادةَ، فلينهض، ومن كرِهَ الموت، فليرجِعْ، وأما
    أنا فناهض، فَمَضَوْا كُلُّهم، فلما كان فى أثناء الطريق، أضلَّ سعدُ بن
    أبى وقاص، وعتبةُ بنُ غزوان بعيراً لهما كانَا يَعْتَقِبَانِهِ، فتخلفا فى
    طلبه، وبَعُدَ عبدُ الله بنُ جحش حتى نزل بِنخلة، فمرَّت به عِيرٌ لقريش
    تَحْمِلُ زبيباً وأَدَماً وتِجارةً فيها عَمْرو بن الحَضْرَمى، وعثمان،
    ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة والحكمُ بنُ كيسان مولى بنى المغيرة.
    فتشاور المسلمُون وقالوا: نحن فى آخر يومٍ من رجب الشهر الحرام، فإن
    قاتلناهم، انتهكنا الشهرَ الحرام، وإن تركناهم الليلةَ، دخلوا الحَرَم، ثم
    أجمعوا على مُلاقاتهم، فرمى أحدُهم عَمْرو بن الحضرمى فقتله، وأسروا عثمان
    والحكم، وأفْلَتَ نوفل، ثم قَدِمُوا بالعِير والأسيرين، وقد عزلوا مِن ذلك
    الخُمس، وهو أول خُمس كان فى الإسـلام، وأول قتيل فى الإسلام، وأول أسيرين
    فى الإسلام، وأنكر رسُول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ما فعلوه، واشتدَّ
    تعنُّتُ قريش وإنكارُهم ذلك، وزعموا أنهم قد وجدوا مقالاً، فقالوا: قد
    أحلَّ محمد الشهرَ الحرَامَ، واشتد على المسلمين ذلك، حتى أنزل الله تعالى:
    {يَسْـئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ
    الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ، قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِـيرٌ، وَصَدٌ عَنْ
    سَبِيلِ اللهِ وكُفْرٌ بِهِ والمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإخْرَاجُ أهْلِهِ
    مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ، والفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ
    } [البقرة: 217].
    يقول سبحانه: هذا الذى أنكرتموه عليهم، وإن
    كان كبيراً، فما ارتكبتموه أنتم مِن الكفر بالله، والصدِّ عن سبيله، وعن
    بيتهِ، وإخراجِ المسلمين الذين هم أهلُه منه، والشِرك الذى أنتم عليه،
    والفتنة التى حصلت منكم به أكبرُ عند اللهِ مِن قِتالهم فى الشهر الحرام،
    وأكثرُ السَلَف فسَّروا الفتنة ههنا بالشرك، كقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ
    حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] ويدل عليه قوله: {ثُمَّ لَمْ
    تَـكُنْ فِتْنَتُهُمْ إلا أنْ قَالُواْ وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا
    مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] أى: لم يكن مآلُ شركهم، وعاقبته وآخرُ أمرهم،
    إلا أن تبرّؤوا منه وأنكروه.
    وحقيقتها: أنها الشرك الذى يدعو صاحبُه إليه، ويُقاتِل عليه، ويُعاقب مَن
    لم يَفَتِتنْ به، ولهذا يُقال لهم وقتَ عذابهم بالنار وفتنتهم بها:
    {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] قال ابن عباس: ((تكذيبَكم))،
    وحقيقته: ذوقوا نهاية فتنتكم، وغايَتَها، ومصيرَ أمرها، كقولهِ: {ذُوقُوا
    مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الزمر: 24]، وكما فتنوا عباده على الشرك،
    فُتِنُوا على النار، وقيل لهم: ذوقوا فتنتكم، ومنه قوله تعالى: {إنَّ
    الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ}
    [البروج: 10] فُسِّرت الفتنةُ ههنا بتعذيبهم المؤمنين، وإحراقهم إياهم
    بالنار، واللَّفظُ أعمُّ من ذلك، وحقيقته: عذَّبُوا المؤمنين ليفتَـتِنُوا
    عن دينهم، فهذه الفتنةُ المضافةُ إلى المشركين.
    وأما الفتنة التى يُضيفها اللهُ
    سبحانه إلى نفسه أو يُضيفها رسولُه إليه، كقوله: {وَكَذَلِكَ فَـتَـنَّا
    بَعْضَهُم بِبَعْضٍ} [الأنعام: 53] وقول موسى: {إنْ هِىَ إلاَّ فِتْنَتُكَ
    تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِى مَن تَشَاءُ} [الأعراف: 155]، فتلك
    بمعنى آخر، وهى بمعنى الامتحان، والاختبار، والابتلاء من الله لعباده
    بالخير والشر، بالنعم والمصائب، فهذه لون،
    وفتنةُ المشركين لون، وفتنة المؤمن فى ماله وولده وجاره لون آخر، والفتنة
    التى يوقعها بين أهل الإسلام، كالفتنة التى أوقعها بين أصحاب علىّ
    ومعاوية، وبين أهل الجمل وصفين، وبين المسلمين، حتى يتقاتلوا ويتهاجروا لون
    آخر، وهى الفتنة التى قال فيها النبى صلى الله عليه وسلم: ((سَتَكُونُ
    فِتْنَةٌ، القَاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، والقائِمُ فِيهَا خَيْرٌ
    منَ المَاشى، والماشى فيها خَيْرٌ من السَّاعِى)) وأحاديثُ الفتنة التى
    أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيها باعتزال الطائفتين، هى هذه الفتنة.
    وقد تأتى الفتنة مراداً بها المعصية
    كقوله تعالى: {وَمِنْهُم مَّنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِّى وَلا تَفْتِنِّى}
    [التوبة: 49] يقوله الجدُّ بنُ قيس، لما ندبه رسولُ الله صلى الله عليه
    وسلم إلى تبوكَ، يقول: ائذن لى فى القُعود، ولا تفتنى بتعرضى لبنات بنى
    الأصفر، فإنى لا أَصْبِرُ عنهن، قال تعالى: {أَلا فِى الْفِتْنَةِ
    سَقَطُواْ} [التوبة: 49]، أى: وقعوا فى فتنة النفاق، وفروا إليها مِن فتنة
    بناتِ الأصفر.

    والمقصود: أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف، ولم يُبرئ أولياءَه من ارتكاب الإثم بالقتالِ فى الشهر الحرام، بل أخبر أنه كبير، وأن
    ما عليه أعداؤه المشركون أكبرُ وأعظمُ مِن مجردِ القتالِ فى الشهر الحرام،
    فهم أحقُّ بالذمِّ والعيبِ والعُقوبَةِ، لا سيما وأولياؤه كانوا متأوِّلين
    فى قتالهم ذلك، أو مقصِّرين نوعَ تقصير يغفِره الله لهم فى جنب ما فعلوه
    مِن التوحيد والطاعات، والهِجرة مع رسوله، وإيثارِ ما عند الله،
    فهم كما قيل:
    وإذَا الحَبِيبُ أَتى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ *** جَاءَتْ مَحَاسِنُه بِأَلْفِ شَفِيعفكيف يُقاس ببغيضٍ عدوٍ جاء بكُلِّ قبيح، ولم يأت بشفيع واحد مِن المحاسن" انتهى . ( زاد المعاد ) للعلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله.
    قلتُ : تأمل – رحمك الله وإياي – قوله : F]ولم يُبرئ أولياءَه من ارتكاب الإثم بالقتالِ فى الشهر الحرام، بل أخبر أنه كبير ] فإنه كلام نفيس وربي .
    فلا يجوز تبرير الخطأَ لكائن مَن كان ، بل يجب
    رده وبيان الحق في المسألة ، هذا هو المنهج السلفي النقي ، لا كما يفعل
    المبطلون من تبرير الأخطاء بل والضلالات وتجويزها بشتى الحيل والألاعيب .
    والنصوص الشرعية في رد خطأ المخطئ – بغض النظر عن مكانته أو نيته – كثيرة مشهورة ، من ذلك :
    ما رواه الإمام البخاري
    رحمه الله من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
    عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب ، وهو يسير في ركب ، يحلف بأبيه ، فقال : ( ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ) .
    فالنبي صلى الله عليه وسلم رَدَّ خطأ الصحابي الجليل عمر بن الخطاب ولم يبرره .
    ما رواه الإمام البخاري
    رحمه الله من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله
    عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة ، فدعاهم إلى الإسلام ، فلم
    يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا ، فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا ، فجعل خالد يقتل
    منهم ويأسر ، ودفع إلى كل رجل منا أسيره ، حتى إذا كان يوم أمر خالد أن
    يقتل كل رجل منا أسيره ، فقلت : والله لا أقتل أسيري ، ولا يقتل رجل من
    أصحابي أسيره ، حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرناه ، فرفع
    النبي صلى الله عليه وسلم يديه فقال : ( اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ) مرتين.
    فالنبي صلى الله عليه وسلم رَدَّ خطأ الصحابي الجليل خالد بن الوليد ولم يبرره بل تبرأَ منه – أي الخطأ - .
    ما رواه الإمام البخاري
    رحمه الله من حديث المعرور بن سويد أنَّه مر بأبي ذر بالربذة ، وعليه برد
    وعلى غلامه مثله ، فقلت : لو أخذت هذا فلبسته كانت حلة ، وأعطيته ثوبا آخر .
    فقال – أي أبو ذر - : كان بيني وبين رجل كلام – يقصد بلالاً الحبشي -
    وكانت أمه أعجمية ، فَنِلْتُ منها ، فذكرني إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،
    فقال لي : ( أَ سابَبْتَ فلاناً ؟ ) . قلت : نعم ، قال : ( أ فَنِلْتَ من
    أمه ؟ ) . قلت : نعم ، قال : ( إنك امرؤ فيك جاهلية )...
    فالنبي صلى الله عليه وسلم رَدَّ خطأ الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري ولم يبرره .
    ما رواه الإمام البخاري
    رحمه الله من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال : كان معاذ بن
    جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يرجع فيؤم قومه ، فصلى العشاء ،
    فقرأ بالبقرة ، فانصرف الرجل ، فكان معاذا تناول منه ، فبلغ النبي صلى
    الله عليه وسلم ، فقال : ( فتان ، فتان ، فتان ) . ثلاث مرار ، أو قال : ( فاتناً ، فاتناً ، فاتناً ) وأمره بسورتين من أوسط المفصل...
    فالنبي صلى الله عليه وسلم رَدَّ خطأ الصحابي الجليل معاذ بن جبل ولم يبرره .
    ما خرَّجه العلامة الألباني
    رحمه الله بإسناد صحيح – كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة - أن سبيعة بنت
    الحارث وضعت حملها بعد وفاة زوجها بخمسة عشرة ليلة ، فدخل عليها أبو
    السنابل فقال : ( كأنك تحدثين نفسك بالباءة ؟ ما لك ذلك حتى ينقضي أبعد
    الأجلين ) ، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قال
    أبو السنابل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كذب أبو السنابل إذا أتاك أحد ترضينه فأتيني به ) أو قال : ( فأنبئيني ) فأخبرها أن عدتها قد انقضت.
    فالنبي صلى الله عليه وسلم رَدَّ خطأ الصحابي الجليل أبي السنابل ولم يبرره .
    علماً بأنَّ قوله عليه الصلاة والسلام : ( كذب أبو السنابل ) تعني أخطأ – بحسب لسان الحجازيين - وليس المقصود الكذب المعروف .
    ما رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل ، فنزعه فطرحه وقال : ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ؟! ) .
    فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خذ خاتمك انتفع به
    ). قال : لا . والله ! لا آخذه أبدا ، وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه
    وسلم .
    فالنبي صلى الله عليه وسلم رَدَّ خطأ الصحابي الجليل الذي لبس خاتم الذهب ولم يبرره .
    ما رواه الإمام مسلم رحمه
    الله في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال : رأى النبي صلى الله عليه
    وسلم علي ثوبين معصفرين ، فقال : ( أَ أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بهذا ؟ ) . قلت :
    أغسلهما . قال ( بل أحرقهما ) .
    فالنبي صلى الله عليه وسلم رَدَّ خطأ الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو ولم يبرره .
    ما رواه الإمام مسلم رحمه
    الله في صحيحه من أنَّ عائشة رضي الله عنها بلغها أن عبد الله بن عمرو رضي
    الله عنهما يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن .
    فقالت : يا عجباً لابن عمرو هذا ! يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن !!!
    أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن !!!

    لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد . ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات .
    فعائشة رضي عنها رَدَّت خطأ الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو ولم تبرره .
    ما رواه الإمام مسلم رحمه
    الله في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر أنه قال : ( لا تمنعوا نسائكم
    المساجد إذا استأذنكم إليها ) . فقال بلال بن عبدالله : ( والله ! لنمنعهن
    ). فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا . ما سمعته سبه مثله قط .
    وقال : ( أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقول : والله ! لنمنعهن ! ).
    فعبد الله بن عمر رضي عنه رَدَّ خطأ ابنه بلال ولم يبرره .
    وغير ذلك من النصوص .
    والمقصود : أن الخطأ يجب رده بغض النظر عن قائله أو فاعله ، فإنَّ دين الله فوق الجميع .

    ولا بد من التنبيه على أمور ، وهي :
    أولاً: الخطأ مردود بغض النظر عن قائله أو فاعله .
    ثانياً:
    الخطأ على درجات ، فمنه : الكفر والزندقة ، ومنه : البدعة المكفرة وغير
    المكفرة ، ومنه : ما دون ذلك ، فلا يجوز أن نساوي بين الأخطاء .
    ثالثاً: المخطؤون على درجات ، فمنهم السلفيون ومنهم المبتدعة ، فلا يجوز أن نساوي بينهم البتة.
    رابعاً:
    مَن أخطأ مِن أهل السنة ومات قبل أن يُنَبَّه على خطئه لا يُقاس على مَن
    أُوقِفَ – حال حياته - على خطئه وبُيَّنَ له بالأدلة فلم يتراجع . وعليه
    خامساً:
    ليس كل مَن أخطأَ معذور وليس كل من أخطأ غير معذور ، لتفاوت الأخطاء
    والمخطئين وهل نُبِّهوا على أخطائهم - إن كانوا من أهل السنة- قبل موتهم أم
    لا ؟
    سادساً: لا يستلزم من رد الخطأ الحكم على قائله أو فاعله ، فقد يُنكر الخطأ دون الحكم على قائله أو فاعله لعذر ما .
    سابعاً: مِن الأخطاء ما لا يُنظر إلى فاعلها أو قائلها أ سلفي هو أم مبتدع ؟ للتفريق بينهما في الحكم والإعذار.
    مثاله : لو سب أحدهم الله أو الدين أو الرسول أو الصحابة أو زنى أو شرب الخمر أو سرق ، فلا يُسأل عن الفاعل : أ سلفي هو أم مبتدع ؟
    فإن كان سلفياً لم نحكم عليه والتمسنا له المعاذير ، وإن كان مبتدعاً حكمنا
    عليه ولم نلتمس له المعاذير ، فإنَّ هذا – في رأيي - ضربٌ من ضروب أعمال
    أهل الجاهلية .
    قال الشيخ عبد الله بن محمد الدويش – رحمه الله – في رسالته [ الزوائد على
    مسائل الجاهلية ] في المسألة الثامنة والخمسين بعد المئة : ( إقامة الحدود على الضعيف دون الشريف ) اهـ
    روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث عروة بن الزبير أن امرأة
    سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح ، ففزع قومها إلى
    أسامة بن زيد يستشفعونه .
    قال عروة : فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( أتكلمني في حد من حدود الله ؟! ) .
    قال أسامة : استغفر لي يا رسول الله .
    فلما كان العشي قام رسول الله خطيبا ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : ( أما
    بعد ، فإنما أهلك الناس قبلكم : أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ،
    وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والذي نفس محمد بيده ، لو أن
    فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها
    ) .
    ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها ، فحسنت
    توبتها بعد ذلك وتزوجت ، قالت عائشة : فكانت تأتي بعد ذلك ، فأرفع حاجتها
    إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    الله أكبر
    علماً بأنَّ مِن الأخطاء ما يُنظر إلى فاعلها أو قائلها أ سلفي هو أم مبتدع ؟ للتفريق بينهما في الحكم والإعذار.
    مثاله : الخطأ في عزو بعض الأحاديث إلى بعض المصادر ، وبعد البحث تبين عدم وجودها في تلكم المصادر .
    فهنا نفرق بين العالم السلفي وبين المبتدع ، فالأخير ينسب – وهو يعلم -
    الأحاديث الضعيفة بل والموضوعة إلى البخاري –مثلاً- كذباً منه وتلبيساً
    لتأصيل عقيدة باطلة أول قول محدث ، بينما العالم السلفي لا يفعل ذلك ،
    فالخطأ من كليهما يُرد ، لكن يُشَنَّعُ على المبتدع ويُعتذر للعالم .
    ومثاله : إنكار بعض الأحاديث الصحيحة .
    فالعالم السلفي قد ينكرها لأنها لم تصح عنده أو صحت لكنها منسوخة أو أنها
    ناسخة لكن لها تأويل آخر – وغير ذلك من المعاذير – ـ فهو لا يتبعه هواه في
    رد أو قبول النصوص ، بينما المبتدع يردها لهواه .
    وغيرهما من الأمثلة التي تحتم علينا التفريق في الحكم والإعذار بين خطأ العالم السلفي وبين خطأ المبتدع الخلفي ، قال تعالى : ( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ . مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) القلم : 35-36 ، وقال عز في علاه : ( أَمْ
    حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ
    كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ
    وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ
    ) الجاثية : 21.
    وأختم بكلام العلامة ابن القيم رحمه الله – آنف الذكر – لنفاسته ، حيث قال :
    " والمقصود: أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف، ولم يُبرئ أولياءَه من
    ارتكاب الإثم بالقتالِ فى الشهر الحرام، بل أخبر أنه كبير، وأن ما عليه
    أعداؤه المشركون أكبرُ وأعظمُ مِن مجردِ القتالِ فى الشهر الحرام، فهم
    أحقُّ بالذمِّ والعيبِ والعُقوبَةِ، لا سيما وأولياؤه كانوا متأوِّلين فى
    قتالهم ذلك، أو مقصِّرين نوعَ تقصير يغفِره الله لهم فى جنب ما فعلوه مِن
    التوحيد والطاعات، والهِجرة مع رسوله، وإيثارِ ما عند الله، فهم كما قيل:
    وإذَا الحَبِيبُ أَتى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ *** جَاءَتْ مَحَاسِنُه بِأَلْفِ شَفِيع فكيف يُقاس ببغيضٍ عدوٍ جاء بكُلِّ قبيح، ولم يأت بشفيع واحد مِن المحاسن" اهـ
    والحمد لربنا أولاً وأخيراً .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 4:05 pm