في غمـرة احتفـالات المغاربـة بذكـرى مـرور 1200 سنة على تأسيسـها،
احتفـالات التأصيـل والتجذيـر لهويتنـا المغربيـة الأصيلـة والضاربـة
جـذورها في عمـق التاريـخ السحيـق، إنها ذكـرى التنبيه بوثاقة عناصـر
الترابـط والتلاحـم والتواجـد والبنـاء الحضـاري الـذي أسـس لها منذ
المولـى إدريـس الأكبـر ومسـار بناء تابعه ابنه إدريس الثانـي من الأم
البربـرية.
ومنذ ذلك الحين والهوية المغربية تتأصل وتتقوى وتعيش أزهى قوتها، إلى أن
تم التوقيع على معاهدة الحماية، ومنذ ذلك الحين بدأت عملية هدم الهوية
المغربية بمحاولة استعمارية يائسة قصد تغريب المملكة المغربية، وذلك بالعمل
على محاربة اللغة العربية في المؤسسات التعليمية، وهو ما تنبهت له الحركة
الوطنية، فتم تعزيز تعليم اللغة العربية في المساجد والمدارس التي أقامها
الوطنيون، وإذا كان الحراك السياسي والثقافي قد عرف كل هذه الغيرة أيام
الاستعمار، فإنها تقلصت بعيد الاستقلال، حيـث يتـم اعتمـاد 90 في المائة من
الوثائـق في الإدارة العموميـة باللغة الفرنسيـة، بل تخوض الدولة
المغربيـة ووزارة الداخليـة والإدارة العامـة للأمـن الوطنـي حملـة
تغريبيـة لإفسـاد ما تبقى من هويتنا المغربية وذلك بإصدار بطـائق تعـريف
هويتنا نحـن المغاربـة باللغة الفرنسيـة، وهذا ما نرصـده من خلال هذا
المقال:
تؤكـد العديـد من الدراسات الأنتربولوجية والتاريخية أن الهوية والوطنية
نسيج تلاحـم اللغة والدين والجغرافية ووحدة الشعـور المشتـرك، والهويـة
المغربيـة لا تخـرج عـن هذا النسـق بأرضها وموقعها الجغرافي، ودينها
الإسلامي، ولغتها العربيـة، وامتدادتـها الأمازيغيـة، والحسانية
والإفريقية... وهي ضوابـط تخـدم شـرط الانتمـاء والتعلـق بالوطـن، وتتجـاوز
راديكاليـة الخطـاب النـازي (صفـاء الجنـس أو العـرق).
اللغـة العربيـة روح الهويـة المغربيـة وحياتهـا إن هي أضاعـت لغتها
أضاعت حياتها، وإن الذي يتنكـر لوطنيته هو مـن لم يحتـرم شعـور أمتـه في
ثوابتها، يخطب في أبنائها بغيـر لغتهـم الوطنيـة، ويزداد الموقف سوء حين
ترتبط بخطبة السيد الخطيب رمزية الموقف والحدث، إضافة إلى كارزميته، وهو ما
يجعل في الأمر تحريض مبطـن لمزيد من المس برموز ومقـومات وطنيتنا وهويتنا
المغربيـة الأصيلـة، وتقتيـل ما تبقى من غيـرتنا عليها، ولا غـرو إذن أننا
بتنـا نسمـع بمواطنينـا يدأبـون على سـب الديـن والوطـن ويجهـرون بالتبـرؤ
من الانتسـاب إليه لأتفـه الأسباب، ولا نعجـب أيضا من أن تهـرول قلـة من
مواطنينا إلى الدعوة للتطبيـع المجانـي مع كيان صهيوني معاد، وضدا في
وطنيتنا وضميـرها الجمعـي.
ويستمر قتل شروط التعلـق والانتمـاء الوطنـي حيـن تسهم جهات رسميـة على
المـس بالهويـة الوطنيـة، إذ تتنكـر لرموزها وتضـرب مقـومات الهويـة
المغربيـة عـرض الحائـط، بل وتعمد إلى تغريب مواطنيها، حين تضع صورهم
الشخصيـة في بطاقـة الهويـة المغربيـة ناحية الفرنسية مُكَسِّـرين بذلك
القاعدة العربية والعالمية، فدولة كمصـر تجسد معالم هويتها الدستورية في
بطائق هوية مواطنيها باللغـة العربيـة حيث الصـورة الشخصيـة، الاسـم
والديـن والفصيلـة الدمويـة والعنـوان، وكذلك بالنسبـة للسعوديـة واليمـن
وسوريا وتونـس وليبيـا وغيـرها ممن لا تجعـل غير العربيـة لغـة بطائـق
هويـة مواطنيها، وكل دول العالـم التي تحتـرم وتنتصـر لهويتها بالقول وقـوة
الواقـع، وحتـى جرثومة أمريكا في الجسـد العربي اسرائيـل لا تقبـل على حـد
علمنـا دون العبريـة لغة بطائـق هويـة مواطنيهـا، ونفس الأمـر بالنسبة
لكـل دول العالـم، لا تقبل غير لغتها الوطنية في رمـز هويتها بطائق تعـريف
الهوية.
فيما يستمر التنكـر لهويتنا المغربيـة دون أن يتوقـف النزيـف، صـورنا
الشخصيـة وتمثيـل هويتنـا الوجوديـة مصحوبـة ببيانات هويتنـا باللغة
الفرنسيـة، فيما بياناتنا باللغـة العربيـة تـرد مهمشـة في الجهة
المقابلـة، فلا يعتـد بها وللأسـف في التعامل الإداري.
وهو تغـريب رمـز الهويـة المغربيـة وخيانـة عظمـى للأمـة وسبيـة للوطـن
وثوابتـه الأصيلـة، وأمام هذا الواقـع فإننا مطالبـون بأن ننعطف نحن
المغاربة بـ 180 درجة نحـو حقيقـة هويتنا برفض بطائق تغريبيـة لا تمثـل
هويتنا، مكتـوبة بلغة غيـر لغتنا، لغـة مستعمـر كبل حريتنا سنيـن وسـب
نسائنـا وحـرق زرعنـا وعقـر ضرعنا، وسجن أجـدادنا، دون أن يعتـذر لنا.
باسم الوطـن والديـن والديموقراطيـة والوطنيـة وباسم الحرية والتحـرر
نطلب من الدولـة وزارة الداخليـة أن تصلـح خطأ جسيمـا في حـق هويـة كـل
المغاربـة ومدعـوة إلى أن تقـدم اعتـذارا رسميـا للشعـب المغـربي من مغبـة
ذاك الخطـأ التاريخـي، الذي يتنافـى وأصيـل هويتهـم، ويعاملهـم كأجانـب في
وطنهـم لغتـه الرسميـة اللغـة العربيـة.
وهـو أمر يجعـل لجـوؤنا نحن المغاربـة إلى العدالــة مضطـرين لوقـف
إفساد الهويـة المغربيـة والمـس برمـوز مقـوماتها الوطنيـة، وقد لا نسكـت
لهذا الحيـف الخطيـر أمام القضـاء بقـوة أعلـى سلطـة قانونيـة الدستـور
وبقـوة شرعيـة اللغـة العربيـة ديمـوقراطيا الممثلـة في رغبـة أغلبيـة
المغاربـة، بعـدما تبيـن أن نتـاج خطـأ الدولـة ووزارة الداخليـة ذلك بات
يمثـل مصـدر ضعـف وطنيتنـا وبـؤس هويتنـا بارتفـاع حالات العقـوق للوطـن
والتنكـر لرموزه والخـروج عن إجماعـه، واقـع صـار بحـق يبعـث على القلـق،
ويدعـو إلى وقـف نزيـف التغريـب والتبعيـة ، فيـا أيهـا المغاربـة قطعوا
بطائـق تعريفكـم وانصروا هويتكـم ولغتكم العربيـة إن كنتـم فاعليـن.
***
عبـد الفتـاح الفـاتحـي: مستشار الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية في الإعلام والتواصل والشؤون القانونية
احتفـالات التأصيـل والتجذيـر لهويتنـا المغربيـة الأصيلـة والضاربـة
جـذورها في عمـق التاريـخ السحيـق، إنها ذكـرى التنبيه بوثاقة عناصـر
الترابـط والتلاحـم والتواجـد والبنـاء الحضـاري الـذي أسـس لها منذ
المولـى إدريـس الأكبـر ومسـار بناء تابعه ابنه إدريس الثانـي من الأم
البربـرية.
ومنذ ذلك الحين والهوية المغربية تتأصل وتتقوى وتعيش أزهى قوتها، إلى أن
تم التوقيع على معاهدة الحماية، ومنذ ذلك الحين بدأت عملية هدم الهوية
المغربية بمحاولة استعمارية يائسة قصد تغريب المملكة المغربية، وذلك بالعمل
على محاربة اللغة العربية في المؤسسات التعليمية، وهو ما تنبهت له الحركة
الوطنية، فتم تعزيز تعليم اللغة العربية في المساجد والمدارس التي أقامها
الوطنيون، وإذا كان الحراك السياسي والثقافي قد عرف كل هذه الغيرة أيام
الاستعمار، فإنها تقلصت بعيد الاستقلال، حيـث يتـم اعتمـاد 90 في المائة من
الوثائـق في الإدارة العموميـة باللغة الفرنسيـة، بل تخوض الدولة
المغربيـة ووزارة الداخليـة والإدارة العامـة للأمـن الوطنـي حملـة
تغريبيـة لإفسـاد ما تبقى من هويتنا المغربية وذلك بإصدار بطـائق تعـريف
هويتنا نحـن المغاربـة باللغة الفرنسيـة، وهذا ما نرصـده من خلال هذا
المقال:
تؤكـد العديـد من الدراسات الأنتربولوجية والتاريخية أن الهوية والوطنية
نسيج تلاحـم اللغة والدين والجغرافية ووحدة الشعـور المشتـرك، والهويـة
المغربيـة لا تخـرج عـن هذا النسـق بأرضها وموقعها الجغرافي، ودينها
الإسلامي، ولغتها العربيـة، وامتدادتـها الأمازيغيـة، والحسانية
والإفريقية... وهي ضوابـط تخـدم شـرط الانتمـاء والتعلـق بالوطـن، وتتجـاوز
راديكاليـة الخطـاب النـازي (صفـاء الجنـس أو العـرق).
اللغـة العربيـة روح الهويـة المغربيـة وحياتهـا إن هي أضاعـت لغتها
أضاعت حياتها، وإن الذي يتنكـر لوطنيته هو مـن لم يحتـرم شعـور أمتـه في
ثوابتها، يخطب في أبنائها بغيـر لغتهـم الوطنيـة، ويزداد الموقف سوء حين
ترتبط بخطبة السيد الخطيب رمزية الموقف والحدث، إضافة إلى كارزميته، وهو ما
يجعل في الأمر تحريض مبطـن لمزيد من المس برموز ومقـومات وطنيتنا وهويتنا
المغربيـة الأصيلـة، وتقتيـل ما تبقى من غيـرتنا عليها، ولا غـرو إذن أننا
بتنـا نسمـع بمواطنينـا يدأبـون على سـب الديـن والوطـن ويجهـرون بالتبـرؤ
من الانتسـاب إليه لأتفـه الأسباب، ولا نعجـب أيضا من أن تهـرول قلـة من
مواطنينا إلى الدعوة للتطبيـع المجانـي مع كيان صهيوني معاد، وضدا في
وطنيتنا وضميـرها الجمعـي.
ويستمر قتل شروط التعلـق والانتمـاء الوطنـي حيـن تسهم جهات رسميـة على
المـس بالهويـة الوطنيـة، إذ تتنكـر لرموزها وتضـرب مقـومات الهويـة
المغربيـة عـرض الحائـط، بل وتعمد إلى تغريب مواطنيها، حين تضع صورهم
الشخصيـة في بطاقـة الهويـة المغربيـة ناحية الفرنسية مُكَسِّـرين بذلك
القاعدة العربية والعالمية، فدولة كمصـر تجسد معالم هويتها الدستورية في
بطائق هوية مواطنيها باللغـة العربيـة حيث الصـورة الشخصيـة، الاسـم
والديـن والفصيلـة الدمويـة والعنـوان، وكذلك بالنسبـة للسعوديـة واليمـن
وسوريا وتونـس وليبيـا وغيـرها ممن لا تجعـل غير العربيـة لغـة بطائـق
هويـة مواطنيها، وكل دول العالـم التي تحتـرم وتنتصـر لهويتها بالقول وقـوة
الواقـع، وحتـى جرثومة أمريكا في الجسـد العربي اسرائيـل لا تقبـل على حـد
علمنـا دون العبريـة لغة بطائـق هويـة مواطنيهـا، ونفس الأمـر بالنسبة
لكـل دول العالـم، لا تقبل غير لغتها الوطنية في رمـز هويتها بطائق تعـريف
الهوية.
فيما يستمر التنكـر لهويتنا المغربيـة دون أن يتوقـف النزيـف، صـورنا
الشخصيـة وتمثيـل هويتنـا الوجوديـة مصحوبـة ببيانات هويتنـا باللغة
الفرنسيـة، فيما بياناتنا باللغـة العربيـة تـرد مهمشـة في الجهة
المقابلـة، فلا يعتـد بها وللأسـف في التعامل الإداري.
وهو تغـريب رمـز الهويـة المغربيـة وخيانـة عظمـى للأمـة وسبيـة للوطـن
وثوابتـه الأصيلـة، وأمام هذا الواقـع فإننا مطالبـون بأن ننعطف نحن
المغاربة بـ 180 درجة نحـو حقيقـة هويتنا برفض بطائق تغريبيـة لا تمثـل
هويتنا، مكتـوبة بلغة غيـر لغتنا، لغـة مستعمـر كبل حريتنا سنيـن وسـب
نسائنـا وحـرق زرعنـا وعقـر ضرعنا، وسجن أجـدادنا، دون أن يعتـذر لنا.
باسم الوطـن والديـن والديموقراطيـة والوطنيـة وباسم الحرية والتحـرر
نطلب من الدولـة وزارة الداخليـة أن تصلـح خطأ جسيمـا في حـق هويـة كـل
المغاربـة ومدعـوة إلى أن تقـدم اعتـذارا رسميـا للشعـب المغـربي من مغبـة
ذاك الخطـأ التاريخـي، الذي يتنافـى وأصيـل هويتهـم، ويعاملهـم كأجانـب في
وطنهـم لغتـه الرسميـة اللغـة العربيـة.
وهـو أمر يجعـل لجـوؤنا نحن المغاربـة إلى العدالــة مضطـرين لوقـف
إفساد الهويـة المغربيـة والمـس برمـوز مقـوماتها الوطنيـة، وقد لا نسكـت
لهذا الحيـف الخطيـر أمام القضـاء بقـوة أعلـى سلطـة قانونيـة الدستـور
وبقـوة شرعيـة اللغـة العربيـة ديمـوقراطيا الممثلـة في رغبـة أغلبيـة
المغاربـة، بعـدما تبيـن أن نتـاج خطـأ الدولـة ووزارة الداخليـة ذلك بات
يمثـل مصـدر ضعـف وطنيتنـا وبـؤس هويتنـا بارتفـاع حالات العقـوق للوطـن
والتنكـر لرموزه والخـروج عن إجماعـه، واقـع صـار بحـق يبعـث على القلـق،
ويدعـو إلى وقـف نزيـف التغريـب والتبعيـة ، فيـا أيهـا المغاربـة قطعوا
بطائـق تعريفكـم وانصروا هويتكـم ولغتكم العربيـة إن كنتـم فاعليـن.
***
عبـد الفتـاح الفـاتحـي: مستشار الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية في الإعلام والتواصل والشؤون القانونية